لماذا تختلف نظرة وتعامل أمريكا عن أوروبا عن روسيا والصين في بعض الأزمات والقرارات العالمية؟ فيحدث انقلاب أو ثورة شعبية أو قرارات سياسية أو اقتصادية في دولة ما فتجد كل دولة منهم تأخذ قرارات مختلفة بشأن هذا القرار الذي قد يكون داخلي ومحلي في هذه الدولة. بالطبع الإجابة هى طبقاً لاتفاق القرار مع توجهات الدول، لكن ما هى توجهات هذه الدول؟. لأن سلسلة “أ ب معرفة” كتبتها خصيصاً لمن يريد أن يعرف معلومات أساسية في مجال محدد فدعونا نتعرف على ما المتحكم في القرارات والسياسية الخارجية للدول.
في العالم هناك 4 قوى سياسية أساسية وهم (أمريكا – الاتحاد الأوروبي – روسيا – الصين) المحركون لجميع الأحداث في العالم. ونظرتهم السياسية الخارجية مقسمة إلى ثلاثة أمور:
- منطقة النفوذ : ويقصد بها مناطق ولاء الدول لها والتي يمكن أن تتحرك الدول عسكرياً لحمايتها.
- الجانب الاقتصادي : ما هى المناطق الأكثر تجارة معها وتتعامل معها تصدير وتستولي على صادراتها وغيرها.
- حقوق الإنسان : هل تهتم هذه القوى بحقوق الانسان أم لا، وما مدى اهتمامها به.
فدعونا نتعرف على شكل النقاط السابقة في القوى الأربعة وكيف تنظر إلى باقي العالم.
أمريكا:
ماما أمريكا، المتحكم الأساسي واللاعب الأقوى، لا حاجة للتحدث عن أمريكا وقوتها لكي لا أكون شخصاً فضائياً. بالرغم من أن أمريكا هى “ماما العالم” لكن العالم ليس كله متساوي بالنسبة لها، فهناك مناطق أساسية وأخرى ثانوية. والعالم بالنسبة لها كالتالي:
قارة أمريكا الشمالية: بالكامل هى منطقة أمريكية ولا تواجهه أي اضطرابات فيها.
قارة أمريكا الجنوبية: لا تختلف كثيراً أن بعض دولها تتعامل بالدولار الأمريكي رسمياً، تتدخل عن طريق المخابرات لقلب أنظمة حكم أو حتى عسكرياً كما حدث في بنما.
قارة أفريقيا: لا تعد منطقة نفوذ أمريكية عسكرياً، فلا تهتم أمريكا بمن يحكم أي دولة أفريقية، انقلابات عسكرية أو ما إلى ذلك، تسعى الشركات الأمريكية إلى وضع نفوذ اقتصادي بها.
الشرق الأوسط: منطقة أمريكية عسكرياً واقتصادياً بالكامل باستثناء المغرب العربي.
قارة أسيا: لا تعد منطقة نفوذ أمريكية سياسي وعسكري أمريكي، لكن الكثير من دولها يعد منطقة نفوذ اقتصادي بل ويعد تابع وحليف اقتصادي لأمريكا مثل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان وأحياناً ماليزيا. تحظى أمريكا بوجود عسكري ونفوذ عسكري في اليابان وكوريا وتايوان والفلبين. وبالطبع أفغانستان.
الاتحاد الأوروبي وأستراليا: حليف اقتصادي، لا نفوذ عسكري أو سياسي بل تعد حليف. تنتشر القواعد الأمريكية في ألمانيا وأستراليا وغيرهم بدون تأثير على الدول نفسها.
أهداف خاصة أمريكية:
- حماية أمن اسرائيل.
- حماية قناة السويس والملاحة فيها.
- تأمين البترول وحركته حول العالم.
- منع أي دولة من التعامل بغير الدولار كعملة أجنبية أساسية -مقال خاص في المستقبل-.
- حماية اليابان وكوريا الجنوبية من تهديدات كوريا الشمالية.
- التأثير على النفوذ الروسي -سيذكر لاحقاً-.
- حماية تايوان من تهديدات الصين.
- مكافحة الحركات الإسلامية حول العالم.
لا تعد حقوق الإنسان هدف رئيسي ولكن ثانوي، حجة أساسية للتدخل في شئون الدول.
الاتحاد الأوروبي:
تقريباً تعد سياسة الاتحاد الأوروبي بالكامل موحدة حول العالم عدا في أمور صغيرة وتكون لعلاقات خاصة، الاهتمام الأساسي الأوروبي هو للجانب الاقتصادي وحقوق الإنسان، أما عن نظرته للعالم فهى كالتالي:
أمريكا الشمالية: حليف اقتصادي قوي، لا نفوذ سياسي أو عسكري.
أمريكا الجنوبية: متعادل، شريك تجاري. لا يوجد نفوذ عسكري سوى خلافات ثنائية مثل إنجلترا والأرجنتين في أزمة الفوكلاند.
أفريقيا: منطقة نفوذ أوروبية لأنها مستعمرات خاصة لها، الاعب الأساسي هنا فرنسا فمعظم أفريقيا منطقة فرنسية سواء اقتصادياً وأحياناً عسكرياً كما يحدث في مالي وغيرها. بعض الدول مثل البرتغال وأسبانيا لها نفوذ في مستعمراتها الأفريقية لكن الأساس فرنسي ويمكن التدخل عسكري به.
الشرق الأوسط: شريك وحليف اقتصادي مع بعض النفوذ العسكرية البسيطة عدا في المغرب العربي وخاصة الجزائر تحظى فرنسا بنفوذ قوية.
أسيا وأستراليا: لا يوجد نفوذ وسيطرة اقتصادية أو عسكرية على أي دولة هناك، علاقات تجارية قوية مع اليابان وكوريا وجنوب شرق أسيا وأستراليا.
اهتمامات أوروبية خاصة:
- تقوية العلاقات الاقتصادية بكل العالم.
- حماية النفوذ الاقتصادي في أفريقيا مع إمكانية التدخل العسكري -فرنسي-.
- حماية نسبية لإسرائيل.
- البترول هام لكن أمريكا تتكفل بحمايته.
يهتم الاتحاد الأوروبي بشكل قوي بحقوق الانسان ويعد أكثر الدول دفاعاً عنه عدا في الأحداث التي تؤثر على مناطق نفوذه
روسيا:
ورثت روسيا الاتحاد السوفيتي وتعرضت لأزمات اقتصادية طاحنة حتى جاء بوتين وقضى على هذا الأمر وتحولت روسيا لأحد أقوى الاقتصاديات في العالم وأكثرها نمواً وحان وقت العودة للإرث السوفيتي كالتالي:
أمريكا الشمالية : خصم ومنافس رئيسي، وفي الجانب الاقتصادي تسعى الشركات الروسية إلى منافسة نظرائها الأمريكيين.
أمريكا الجنوبية: وجود اقتصادي محدود ولا نفوذ عسكري، استثناء كوبا وفنزويلا والذين يعدا حلفاء للروس ولها نفوذ عسكري واقتصادي وسياسي واسع عليهما.
الاتحاد الأوروبي: شريك اقتصادي قوي لروسيا، مستورد رئيسي للبترول والغاز الطبيعي الروسي، مليارديرات روس يشترون مئات وآلاف الشركات والأندية بأوروبا، تسعى روسيا لغزو أوروبا اقتصادياً لأنه اهتمام أوروبا الأساسي كما ذكرنا وأيضاً لأنها جارتهم.
أفريقيا: وجود محدود للنفوذ العسكري والسياسي الروسي وأيضاً الاقتصادي، وتعد الجزائر أكبر حليف لروسيا -تلي فرنسا-، مؤخراً تسعى روسيا لفرض وجود قوي لها في أفريقيا لكنه لا يزال في بداياته.
أسيا: تنقسم أسيا إلى قسمين، القارة بالكامل وهى علاقات عادية ومعظمها اقتصادي بدون نفوذ عسكري مع وجود صداقة قوية مع الصين، القسم الثاني هو دول الاتحاد السوفيتي حيث تعتبر روسيا هذه الدول جزءاً منها، تحظى بنفوذ عسكري وسياسي واقتصادي بها، وهذه الدول هى ما تسعى أمريكا لزعزعتها كما ذكرت في أعلى، أي اقتراب من هذه الدول أو حتى محاولة منها للاقتراب من الغرب فإن روسيا تتدخل بقوة كما شاهدنا في الحرب الجورجية الروسية وأوكرانيا حالياً.
أهداف روسية:
- زيادة النفوذ الاقتصادي عالمياً ومحاولة التغلغل في الدول وخاصة أوروبا بها.
- السيطرة على دول الاتحاد السوفيتي ومنعها من الاقتراب مع الغرب.
- زعزعة النفوذ الأمريكي في مناطق مثل الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية والخليج -إيران- من أجل استعادة الأمجاد السوفيتيه.
لا تهتم روسيا بحقوق الانسان ويعد خارج نطاق التفكير الروسي.
الصين:
شركات مصانع أموال، هذه هى الصين، مصنع العالم، اقتصاد ثم اقتصاد ثم اقتصاد، وتنظر الصين للعالم كالتالي:
أمريكا الشمالية: سوق ثري لشراء منتجاتها عالية الجودة، معظم شركاتها وخاصة التكنولوجية تصنع في بلادها. وتعد الصين أكبر دائن لأمريكا حاليا بقيمة 1272 مليار دولار -1.27 ترليون-.
أمريكا الجنوبية : سوق صيني ولا نفوذ قوي لا سياسي ولا اقتصادي.
الاتحاد الأوروبي: نفس الأمر بالنسبة لأمريكا، سوق للمنتجات الصينية، ولا نفوذ سياسي عليها بل تعد خصماً لكثرة انتقادهم لها في جوانب حقوق الانسان والعمال.
أفريقيا: سوق للمنتجات الصينية الأقل جودة، منطقة انتشار قوي للشركات الصينية.
الشرق الأوسط: من أكبر الحلفاء للصين في المنتجات الأقل جودة، علاقات متميزة بدول مثل مصر ولديها منح مثل قاعة مؤتمرات مدينة نصر وغيرها.
روسيا: حليف ومنافس اقتصادي قوي، علاقات عسكرية قوية وتبادل خبرات وتقنيات.
أسيا: مثل باقي العالم حيث تعد منطقة تجارية، تشهد منافسة شرسة من دول كفيتنام حيث أصبح مستقطب للشركات كسامسونج التي تغادر الصين نحو فيتنام. تسعى لمواجهة الدول الناشئة الأسيوية كي لا تشكل خطراً اقتصادياً عليها. كوريا الشمالية تعد منطقة نفوذ صينية واسعة، أو هى وروسيا الدول الوحيدة الصديقة لكوريا الشمالية.
تايوان: تعتبر الصين تايوان ولاية صينية، العالم لا يعتبر ذلك، ملايين التهديدات الصينية باحتلال تايوان، تعد المنطقة الوحيدة تقريباً التي تهتم بها الصين عسكرياً وتراقب كل صاروخ وسلاح تشتريه.
أهداف صينية:
- جلب استثمارات من كل العالم وفتح أسواقها لها.
- شراء سندات خزانة في كل العالم.
- الصين أكبر مشترى للذهب والمتحكم الأول في سعره.
- مراقبة تايوان وكل علاقتها بالغرب.
الصين أسوء دولة في حقوق الإنسان وتعد دولة عبودية بمعايير القرن 21 ويمكن أن نفرد لهذا الأمر مقال مستقل.
الخلاصة:
أمريكا: إذا اقترب أحد من مناطق نفوذها وبشكل دقيقة الأهداف المذكورة في آخر فقرتها فإنها تتدخل ولو عسكرياً. ولها اهتمام ثانوي بحقوق الإنسان.
الاتحاد الأوروبي: اهتمام رئيسي بالاقتصاد وحقوق الانسان، حماية نفوذ دولها اقتصادياً.
روسيا: اهتمام رئيسي بدول الاتحاد السوفيتي والاقتصاد، محاولة زعزعة سيطرة أمريكا، لا اهتمام بحقوق الإنسان.
الصين: اهتمام وحيد بالاقتصاد عدا شأن تايوان، عدو لحقوق الإنسان
هذا هو العالم من حولنا، فما رأيك أنت؟ وهل ترى دورنا حقاً مجرد منطقة لعب وليس لاعب؟
أجزاء السلسلة:
- سلسلة أ ب معرفة [1]: المقدمة
- سلسلة أ ب معرفة [2]: الانحياز
- سلسلة أ ب معرفة [3]: أذون الخزانة
- سلسلة أ ب معرفة [4]: البحث عن معلومة
- سلسلة أ ب معرفة [5]: خدع رقمية
- سلسلة أ ب معرفة [6]: مليارات المرور والأولوية لمن
- سلسلة أ ب معرفة [7]: بنك المشاعر
- سلسلة أ ب معرفة [8]: ابتعد عن الراحة
- سلسلة أ ب معرفة [9]: انا بنسى كثير (صوتي)
- سلسلة أ ب معرفة [10]: كيف تحصل على أفكار مبهرة؟
- سلسلة أ ب معرفة [11]: كلام في الموازنة
- سلسلة أ ب معرفة [12]: جهز الحقل للمطر (صوتي)
- سلسلة أ ب معرفة [13]: كلام في الشخصيات
- سلسلة أ ب معرفة [14]: أسئلة المعرفة السحرية
- سلسلة أ ب معرفة [15]: القوقعة عدو المعرفة الخفي
- سلسلة أ ب معرفة [16]: مبحبوش يا بابا
- سلسلة أ ب معرفة [17]: تزييف استطلاعات الرأي
- سلسلة أ ب معرفة [18]: وهم الكمال
- سلسلة أ ب معرفة [19]: أزمة الكهرباء
- سلسلة أ ب معرفة [20]: تسويق البشاعة
- سلسلة أ ب معرفة [21]: الدعم في مصر 1
- سلسلة أ ب معرفة [22]: كيف يدار العالم
كالعادة تختار مواضيعكبعناية فائقة وتتناولها باسلوب السهل الممتنع مهما بلغت تشابك عناصر الموضوع
لديك القدرة علي تقديمها في اسلوب يبسط كل شيء
تحياتي
والي مزيد من التقدم
صراحة شعرت أن الموضوع طويل لكن كلامك أثبت لي العكس 😀
كم انت رهيب
صراحه مواضيعك كلها يستفاد منها
شكراً ليك ولو في أي شيء عاوز تعرف معلومات عنه ممكن تقوله لي وأنشره في جزء قادم من السلسلة
السلام عليكم
الرجاء الإفراد بمقالة عن سبب سعي أمريكا في تحقيق أمن اسرائيل..!
مقال اكثر من روعه واسلوب جميل جدا
I cling on to listening to the news broadcast speak about getting boundless online grant applications so I have been looking around for the finest site to get one. Could you tell me please, where could i acquire some?