تقريباً في كل مكان في مصر يوجد به انقطاع كهرباء، اتهامات من الحكومة للمواطنين بالاسراف، واتهامات من المواطن للحكومة بالفشل. نحن في سلسلة “أ ب معرفة” لا نسعى لتوجيه أي اتهامات بل توضيح معلومات. فبعد بحثي وحديثي مع الكثيرين وسؤالهم “ما هى أزمة الكهرباء؟” فكانت الاجابة هى “الحكومة فاشلة”. حسناً الحكومة فاشلة لكن ما هى المشكلة تحديداً؟ ما هو انتاج مصر من الكهرباء؟ كم يبلغ العجز؟ متى تحل المشكلة؟ هل تريد معرفة معلومات عن أزمة الكهرباء في مصر؟! تابع معي.
توضيحات هامة:
- حكومات العالم الثالث مثل مصر يصعب الحصول فيها على معلومات دقيقة وصحيحة. سعيت قبل كتابة المقال لقراءة التقارير الفنية لوزارة الكهرباء لمعرفة تفاصيل عن الطاقة. أضمن لك أن الأرقام المكتوبة صحيحة أو قريبة من الصحة بنسبة 90% وسوف أضع بعض الروابط للتأكد.
- الاستعراض سيكون بشكل رقمي وعملي. ربما يكون هناك تلاعبات، مؤامرات، فشل إداري، الخ الخ لكن هذه الأمور لا يمكن قياسها.
مصطلحات هامة:
الشبكة الموحدة: معظم محطات الكهرباء في مصر متصلة معاً بالشبكة، وهذا مفيد في أنه إذا توقفت مثلاً محطات الأسكندرية عن العمل فيتم التعويض من باقي مصر. وكانت ولا تزال تستخدم لقطع الكهرباء عن مناطق نائية مقابل تركها في المدن الرئيسية.
الطاقة الإسمية: لكل محطة سعة قصوى وهى يطلق عليها الطاقة الاسمية، وهذه تشبة السرعة القصوى للسيارة حيث تكون نظرية ولا يمكن الوصول إليها عملياً إلا إذا أردت القضاء على المحركات. وطبقاً لتقرير الكهرباء حتى 30/6/2012 –هذا الرابط– فإن إجمالي طاقة الكهرباء 29 ألف ميجا وات ساعة -ارتفع إلى 30 أو أكثر قليلاً خلال العام ونصف-.
الحمل الأقصى: وهو أقصى حمل تصل إليه شبكات الكهرباء في اليوم. والصفحة الرسمية لوزارة الكهرباء -عبر هذا الرابط– تظهر الحمل الأقصى يومياً وهو حالياً 22.7 ألف ميجا وات ساعة.
كفاءة الكهرباء في مصر:
كما ذكرنا في أعلى فإن محطات مصر طاقتها الاسمية 30 ألف ميجا وات، هذا الرقم تقترب أو تبتعد عنه طبقاً للصيانة للمحطات وتشغيلها بالمقاييس التي صنعت من أجلها، فمثلاً لديك محطات صنعت لتعمل بالغاز لكن تم تحويلها لتصبح بالمازوت -لتوفير الغاز لإسرائيل- مما أثر على إنتاجها. أي أن الانتاج يتوقف على :
- جودة وكفاءة المحطات وصيانتها.
- توفير الغاز والسولار والمازوت للمحطات بالسعة القصوى التي تحتاجها.
ما حدث في الأعوام الأخيرة:
1 ارتفعت عدد أجهزة التكييف في مصر من 700 ألف جهاز عام 2006 إلى 7 مليون جهاز في 2013 وهذا ارتفاع ضخم وزيادة أحمال غير مسبوقة. ومن ناحية أخرى بدأت مصر تصدير الغاز لإسرائيل، ثم بسبب مشاكل متفرقة قل انتاج مصر من الغاز وهنا صدر قرار بتحويل المحطات من غاز طبيعي -رخيص ونظيف وبدون مشاكل- لتعمل بالمازوت -أغلى سعر وملوث للبيئة ويحتاج صيانة- فنتج عن هذا الأمر تقليل أحمال المحطات وزيادة الأعطال. أي حدث باختصار ارتفاع غير متوقع ومفاجئ في الاستهلاك وقابله انخفاض في الانتاج.
2 بعد 25 يناير حدث إنهيار اقتصادي في مصر ونتج عنه عجز مالي رهيب، السعودية والإمارات كانا يساندان مبارك بمنح مجانية للسولار والمازوت فتوقفت. القذافي كان يمنح مصر أيضاً مقابل خدمات أو بمقابل بالتقسيط وتوقف هذا أيضاً. وهنا تفاقمت الأزمة. فالغاز غير موجود، والسولار والمازوت غير موجودين ولا نملك الأموال لشراءهم فانخفض الانتاج. أترككم الآن مع تصريح وزير الكهرباء قبل أسبوع:
«انقطاع التيار في حدود ساعة للمنطقة الواحدة صيفًا إذا تلقينا الوقود الكافي، إذا حصلنا على 100% من الوقود المطلوب فسيكون العجز عبارة عن 1000 ميجاوات أى ساعة يوميا، أما إذا حصلنا على 90% من الوقود المطلوب فيمكن أن يزيد العجز إلى 3000 ميجاوات وستكون مدة قطع التيار أكبر، وإذا قل إلى 70% فسيكون العجز 6000 ميجاوات» اليوم السابع
باختصار فكلام الوزير يعني أن الحمل الحالي 25 ألف ميجا (في الصيف يصل إلى 28 ألف ) ، الإنتاج 24 ألف، الألف ميجا عجز تعني ساعة انقطاع كهرباء.
3 البناء العشوائي الرهيب زاد وكذلك سرقة الكهرباء، بعض المناطق صممت لتستقبل أقل من نصف أو ربع عدد السكان الذين يعيشون فيها الآن وبالتالي البنية التحتيه ومنها كابلات الكهرباء والأكشاك الخاصة به ووو لم تصمم لتحمل هذه الزيادة وتحتاج إلى استبدال.
اعملوا محطات يا عالم
طيب ما تعملوا محطات كهرباء، دا مرسي أمر بحل الأزمة وفتحوا محطات أبي قير ودمياط بعد شهور فقط. بص يا صديقي، المحطات بتبني من 1.5 سنة حتى 3 سنوات، محطتي أبي قير ودمياط بدأوا من عهد مبارك. بص الأخبار دي :
“إنشاء محطة كهرباء بخارية بتكلفة 15 مليار جنيه ببني سويف ويتكون المشروع من 3 وحدات تنتج كل وحدة 650 ميجا وات، ليصبح إجمالى الطاقة الإنتاجية 1950 ميجا وات” اليوم السابع
“2.5 مليار دولار لإقامة محطة كهرباء في أسيوط، تعمل محطة ديروط بنظام الدورة المركبة وتضم وحدتين بقدرة 750 ميجاوات للوحدة الواحدة مع إمكانية إنشاء وحدة ثالثة.” خبر من 2012 من الوفد
“قرض بقيمة 1.4 مليار جنيه لتطوير محطة دمياط ذات السعة 500 ميجا وات” مصراوي
كده عندك فكرة التكلف كام بالتقريب؟ ما بين 8 مليون إلى 11 مليون جنية للـ 1 ميجا وات -الفارق طبقاً لنوع المحطة-.
محتاجين كام وإيه بقى؟
المحطات تحتاج 3 سنين تقريباً، نقول سنتين لو هتشتغل شغل من نار يعني، تعالى نحسب التالي: “نحتاج إلى تعويض العجز + تعويض زيادة السنتين العادية + وجود فائض ليمكنك من إيقاف محطات وصيانتها“
بالأرقام
العجز 2000 ميجا وات + سنتين زيادة أي 3000 ميجا وات + فائض 2000 ميجا وات = 7000 ميجا وات أي تقريباً 60-70 مليار جنية ولو أخذنا في الحسبان أنك تحتاج إلى بناء مصانع والنهضة ووو فأنت تحتاج طاقة، أي يصل الإجمالي 100 مليار جنية. لو معاك جاهزين الآن فبعد سنتين مش هيبقى في أزمة. أي باختصار مصر لابد أن تنفق 50 مليار جنية سنوياً استثمارات في الكهرباء حتى لا يحدث عجز بعد سنتين عالأقل.
هذا الرقم نضيف عليه عملية إحلال وتبديل الشبكات في المناطق الشعبية والعشوائية التي يسكن فيها الآن أضعاف ما صممت شبكة الكهرباء بها لتتحمله. وتخيل الآن تحديث البنية التحتيه لدولة بالكامل.
ملاحظة : الأحمال في الصيف تزيد كثيراً لزيادة معدلات تشغيل التكييفات وغيرها من الأجهزة، لكني أفترض في الحسابات أن شهر أبريل مثل يوليو وأغسطس
حلول للمشكلة:
- توفير مليارات لتمويل المحطات.
- ترشيد حقيقي للاستهلاك.
- اتفاقية الربط الكهربائي المصرية السعودية.
- مشاركة القطاع الخاص.
- توفير بدائل كهربية سريعة -تحتاج عشرات المليارات-
- المحطة النووية 7-10 سنوات.
الحلول التفصيلية سوف السابقة سوف أذكرها تفصيلياً في جزء الكهرباء في سلسلة “إزاي نصلح مصر” التي ستبدأ نهاية هذا الشهر إن شاء الله
الخلاصة:
- أزمة الكهرباء مشكلتها متراكم منذ سنوات ولابد من مصارحة مع الشعب وليس تبادل الاتهامات والسباب.
- المواطن يتحمل جزءاً بالفعل من الأزمة، لكن الحكومة تلام لأنها لم تدرس جيداً الشعب ونمو استهلاكه.
- تصدير الغاز إلى إسرائيل أحد أسباب الأزمة ومبارك ونظامه يتحملون المسئولية.
- حل أزمة الكهرباء لن يحدث قبل 3-4 سنوات مع العمل الجاد وتوفير عشرات بل مئات المليارات.
- لكي تحقق نمو وتقدم تحتاج إلى بناء مصانع وشركات وهذه المصانع تحتاج كهرباء لكي تعمل، أنت لا تملك كهرباء للمصانع والمنازل الحالية فكيف تعد بتقدم؟
ما رأيك في أزمة الكهرباء؟ وهل تعرف حل عملي سريع لها؟
مقالات السلسلة:
- سلسلة أ ب معرفة [1]: المقدمة
- سلسلة أ ب معرفة [2]: الانحياز
- سلسلة أ ب معرفة [3]: أذون الخزانة
- سلسلة أ ب معرفة [4]: البحث عن معلومة
- سلسلة أ ب معرفة [5]: خدع رقمية
- سلسلة أ ب معرفة [6]: مليارات المرور والأولوية لمن
- سلسلة أ ب معرفة [7]: بنك المشاعر
- سلسلة أ ب معرفة [8]: ابتعد عن الراحة
- سلسلة أ ب معرفة [9]: انا بنسى كثير (صوتي)
- سلسلة أ ب معرفة [10]: كيف تحصل على أفكار مبهرة؟
- سلسلة أ ب معرفة [11]: كلام في الموازنة
- سلسلة أ ب معرفة [12]: جهز الحقل للمطر (صوتي)
- سلسلة أ ب معرفة [13]: كلام في الشخصيات
- سلسلة أ ب معرفة [14]: أسئلة المعرفة السحرية
- سلسلة أ ب معرفة [15]: القوقعة عدو المعرفة الخفي
- سلسلة أ ب معرفة [16]: مبحبوش يا بابا
- سلسلة أ ب معرفة [17]: تزييف استطلاعات الرأي
- سلسلة أ ب معرفة [18]: وهم الكمال
- سلسلة أ ب معرفة [19]: أزمة الكهرباء
مقال رائع كالعادة
تحفة يابن سامي ومعلومات دقيقة
This post is really a fastidious one it helps new the web viewers,
who are wishing in favor of blogging.
Some really nice and useful information on this website , also I think the style has got good features.
You can certainly see your enthusiasm in the work you write. The world hopes for even more passionate writers like you who aren’t afraid to say how they believe. Always go after your heart.