كان يفترض أن يكون هذا المقال ضمن سلسلة “أ ب معرفة” لكن بسبب طابعه الشخصي قررت جعله مقال مستقل. عندما بدأت كتابة المقال كنت أظن أنه سيكون أقصر وأسهل مقال لي، وانتهيت منه تحت عنوان ” تقبل الباقة كامل” لكن لم يعجبني فمسحته، ثم بعد أيام أعدت الكتابة مرة أخرى وجاء بعنوان “درس الإسفنج” ومرة أخرى لم يعجبني المقال، وأخيراً قررت ألا يكون ضمن “أ ب معرفة” ويصبح مقال شخصي وبعنوان “أنا بتغير” لكن أضفت عليه “مش تعليمي” لأن الطابع الشخصي يغلب التعليمي فيه.
المقال شخصي لكني سأسعى في النهاية لأن أذكر الدرس المستفاد، أو الدرس الذي كنت أريد إيصاله بالحديث عن نفسي. إذا كنت متعجلاً أو لا تريد سماع قصص شخصية فاذهب إلى “الدرس الذي تعلمته” في نهاية المقال.
إذا قمت بإحضار قطعة من الإسفنج ثم صببت عليها الماء فإنها تمتص قدر ما، الآن أعصر هذا الإسفنج لتخرج ما امتصته من مياه، واصل الضغط، حسناً هل أخرجت 100% من المياة التي أمتصتها وعادة لوضعها الأول تماماً؟ الإجابة هى لا. الانسان مثل هذه الاسفنجة إذا امتص شيء فإنه لن يعود أبداً كما كان قبلها وسيصبح شيء جديداً.
درس الاسفنج هذا تعلمته منذ صغري وتعلمت أيضاً أن أكثر الأمور صعوبة على النفس هى التغيير لما يصاحبها من خوف من المجهول. وكان من أكثر ما يقلقني منذ صغري هى عبارة “الزمن غيره” وكنت أفكر هل يمكن أن يحدث هذا الأمر معي؟!! ثم فكرت في نفسي وكأي شخص طبيعي وجدت بعض الأمور التي أحبها والبعض الآخر وأكرهه البعض الآخر. ثم بدأت في علاج وإصلاح الذي أكرهه فوجدت بمشكلة وهى أنه يوجد الكثير من الصفات المترابطة وكأنها “باكدج-Package” واحد. وكأن المعادلة هى “هذه مجموعة مميزات وعيوبة دفعة واحد، خذهم جميعاً أو أتركهم معاً”. فاتخذت القرار الأصعب وهو سآخذ الباقة كما هى. ولكن وجدت عقبة خطيرة.
“إذا لم تكن مرناً أو تتعلم الجديد فسوف تموت”. قاعدة جديدة تعلمتها ومن ثم بدأت أفكر في الحل، إن تركت نفسي فسوف يحدث معي “الزمن غيره” وإن أغلقتها وتوقعت (راجع هذا المقال) فسوف يؤدي إلى توقف قدراتي على التطور وفي النهاية أصبح أكثر تخلفاً. لذا فوجدت الحل هو “إضافة وليس تغيير”، نعم هذا هو الحل السحري فأنا لن أتغير بل سأسعى إلى اكتساب مهارات جديدة وتعديها لتتوافق معي. فكنت أقاوم وبشدة وربما أحياناً كانت ردود فعلي “عنيفة” عندما يحاول شخص ما “تغييري” حتى وإن كان التغيير في مصلحتي، فكنت أعلم أنني إذا فتحت الباب فسوف ينفرط العقد، ويجب أن أعترف أن بعض ممن عرفتهم كانوا أذكياء بأن تحايلوا على هذه النقطة الدفاعية في شخصيتي وأصبحوا يخبرونني بالجديد ليس أنه “تغيير” بل “إضافة” جديدة لشخصيتي وقدراتي، فتعلمت منهم الكثير لكنني بقيت كما أنا، لذا لم يكن غريباً على أن أسمع العديد من الأشخاص توصفني “شخصية كارتونية” أو “عندك 27 سنة والشعر الأبيض بيغزو رأسك وذقنك بس إنتا من جوا وتعاملك لسه طفل كبير”. نعم ظللت “طفل كبير”، تعلمت كيف أعمل وأطور وأصبحت “رئيس تحرير” في شركتي، لا يوجد شخص يحتاجني في أي خدمة أو موضوع ما ولا أقف معه، لكن في الوقت نفسه حافظت أن أكون “طفل كبير” ربما بكل صفات الأطفال ” بيضحك كثير، يهزر كثير، يزعل بسرعة ويتقمص، ويتصالح بأقل حاجة وبسهولة”.
واستمر هذا الأمر حتى وقت قريب، حتى لاحظت أن العديد من أصدقائي الذين لا يتحدثون معي بشكل يومي أو حتى أسبوعي يقولون لي عند تعاملهم معي “إنتا اتغيرت يا محمد”. في البداية أخذتها دعابة لكن عندما سمعتها أكثر من مرة من أكثر من شخص فهنا حدثت الصدمة “الزمن غيرني”.
فوراً بدأت أفكر وأراقب نفسي واكتشفت حقاً أن هذا الكلام حدث بالفعل، لقد تغيرت، هناك بعض الأمور التي سعيت لتعلمها غيرت شخصيتي، لقد أصبحت أكثر بروداً في بعض الأمور وخاصة السياسية، تعلمت أن أكون “بارجماتي”، في مجال الأصدقاء أصبح لدي قدرة على حذف بعض الأشخاص من حياتي، وكان هذا في الماضي “مستحيل”. السياسية وعملي غيروا الكثير في. كنت أظن أنني أكتسب وأضيف مهارات فقط لكن الحقيقة أنني كنت مثل الاسفنج، امتصصت بعض المياة ولم أعد اسفنجة جافة مهما حدث. والمشكلة التي واجهتها هى أنني لم استعد لهذا التغير، لم أخطط له، إنه فقط حدث… فقط.
الدرس الذي تعلمته
1
لا أقصد نهائياً بكلامي أن ترضى بالواقع وبصفات سيئة فيك، أبداً هذا لم ولن أقصده. لكني أريدك أن تكون مستعداً وأنت تغير وتراقب كل شيء، فهناك أمور ستتغير فيك لم تستهدفها بالتغير، كن حذراً أنك في وقت انشغالك باكتساب صفات جديدة رائعة أن تتسلل في غفلة منك بعض الصفات الأخرى التي لا تحبها كما حدث معي. إن فتحت باب التغيير فكن مستعداً لكل شيء
2
طبيعتنا وحياتنا عبارة عن باقة ونتيجة لمجموعة من المعطيات، إذا اكتسبت شيء فسوف تدفع مقابل له. تريد السفر إلى الخليج واكتساب المال، إذا فسوف تحصل على مزيد من متاعب الغربة والوحدة، تريد أن تصبح صاحب شركة كبيرة فسوف تدفع المقابل بإرهاق ذهني وعمل متواصل. تريد أن تصبح حاكم وسياسي وتكسب الشهرة والقوة فأعلم أنه في حالة الهزيمة ستكون الخاسر الأكبر. هناك مقابل ستدفعه.
3
لا تعجبك بعض صفاتك؟ هل أنت شخص طيب القلب، متسامح، لا تنام وأنت تكرهه أي إنسان؟ إذا كان هناك شخص يسبب لك الأذى ليل ونهار ثم احتاجك في “خدمة” فسوف تقف معه وتتفاني في أداء أقصى مجهود لديك لهذا الشخص الذي كان يؤذيك؟ حسناً لابد أنك تواجهه مشكلة وهى أن هناك عشرات الأشخاص يستغلونك ويستغلون قلبك الطيب، ويتلاعبون به وبمشاعرك، يخدعونك، الخ الخ. تريد أن تغير بعض الصفات ولا تجعل أحد يخدعك وتكون حذراً ولا تعطي بلا حدود وووو… هذا ما تريده؟ حسناً اعلم جيداً أن هذا ليس فقط الذي سيتغير، أنت الآن وطبيعتك وأصدقاءك من حولك وكل شيء هو نتاج لشخصيتك الحالية، إذا تلاعبت في أحد أطراف المعادلة فتوقع أن باقي السلسلة سوف يتغير. فكن حذراً ماذا تغير.
لقد تغيرت نحو الافضل هناك حكمه تقول ،تألمت ،فتعلمت ،فتغيرت،،، الحياه مدرسه والبشر تلاميذ فهما تعلمنا وحصلنا ع شهادات اكاديميه اوتقدم بنا العمر سنبقئ تلاميذ في هذه الحياه