قبل سنوات عديدة قال لي أحد الأصدقاء أنه شاهد كتاباً عنوانه أجنبي عنوانه مترجماً “ما إذا كان كل ما عرفته في حياتي خطأ؟” وفكرة هذا الكتاب أن شخصاً ما اكتشف فجأة أن كل شيء عرفه في حياته كان خطأ، كل كتاب قرأه كانت معلوماته خاطئة، كل شيء عن كل شيء. فما الذي سيفعله؟!!! بحثت كثيراً عن هذٰا الكتاب لأقرأه لكن دون جدوى، لكن ظل التساؤل بداخلي “هل يمكن حقاً أن يكون كل ما أعرفه خطأ؟” هذا السؤال الذي لا يزال يرافقني حتى يومنا هذا.
سعيت طول حياتي أن أكون شخصاً مختلفاً ومميزاً وهذا ما دفعني إلى قراءة الكتب التي لا يقرأها غيري، الاهتمام بتفاصيل وأمور ربما تبدو للبعض غريبة، أعرف أشياء ليس من المنطقي أن يشغل إنسان بها نفسه، سعيت لأتعرف على أمور والتحقت بدورات وغيرها من الأمور. ففي منتصف العقد الماضي وفي الوقت الذي لم تكن “التنمية البشرية” معروفة بشكلها الحالي كنت أواظب على متابعة وحضور دورات دكتور إبراهيم الفقي رحمه الله وغيره.
حسناً أنا أفضل وأذكي وأكثر ثقافة من جميع من حولي. لكن مهلاً مهلاً توقف هل نسيت السؤال “هل يمكن حقاً أن يكون كل ما أعرفه خطأ؟”… هل أنت واثق بالفعل من أن هذا الأمر صحيح وأنك تفوق من حولك؟ أم أنها خدعة من ذهنك ليدفعك لعيش الوهم؟ فاكر فلان وفلان وفلان وفلان؟ إيه رأيك في مستوى ثقافتهم وتحضرهم وأسلوبهم ووو، مفيش خالص. طيب إزاي حد أقل منك كده وعمال ينجح وإنتا تسقط في الكلية؟ الناس دي اتخرجت وانتا لسه طيب إزاي؟ التعليم فاشل وملوش لازمة وو… ماشي كمل ضحك على نفسك كمل.
طيب سيبك من الدراسة، تعالى للحياة العملية، إيه رأيك في فلان وفلان؟ دول مفيش خالص، دا كل شوية حد منهم يلجأ لي لاستشارة سواء استثمارية أو ثقافية أو سياسية أو حتى تقنية. طيب الناس دي في حياتها عملت ايه بالمقارنة معاك؟ إيه دا الناس دي اتخرجت من كلية واشتغلت واتجوزت وخلفت…. أمممم طيب وإنتا؟؟؟
في أعوام 2007-2008-2009 وممكن ما بعدهم، كانت دفعتي بتتخرج من كلية العلوم وبيشتغلوا وبيخطبوا ويتجوزوا وأنا كنت بسقط في الكلية وبغرق في استثمارات فاشلة أدت لخسارتي مبالغ مادية مزودة بـ 5 أصفار. في الوقت الذي كانوا يبنون فيه كنت أنا أغرق فيه. فهل إنتا متأكد يا محمد إن كل شيء عرفته في حياتك وأتعلمته صح مش غلط؟ هل إنتا فعلاً أكثر ذكاء أو أو؟؟؟ إنتا أقل منهم دراسياً، علاقاتك أقل، مادياً، مش متزوج ولا حتى خاطب، يا راجل دا حتى إنتا من أتخن صحاب أو الأتخن. يبقى فين العبقرية؟ إنتا إنسان فاشل.
لالالالا أنا مش إنسان فاشل، أنا وقعت في أخطاء كبيرة، خسرت كثير جداً، فلوس ودراسة، لكن أنا بقيت مميز، في الوقت اللي أصدقائي في 2010 كانوا بيحضروا كورسات تنمية بشرية كنت أنا اخدتها في 2007، في الوقت اللي بدأوا يشوفوا بيزنس ويستثمروا أو يفكروا يستوردوا في 2011-2012 كنت أنا خضت التجربة دي في 2008-2009. الناس اللي بتدخل عالم “سمارت فون” في 2012-2013 وكده فأنا دخلته في 2008. الناس بتقرى في الاقتصاد وبتتعلم سياسة لأول مرة السنين دي وأنا سبقتهم. حتى الناس بدأت تروح تنتخب بعد 2011 وأنا أول محاولاتي كانت 2005. مجال الكومبيوتر وتقريباً كل شيء دخلته قبل أصدقائي بسنوات. لو هما فعلاً متفوقين عليا وأفضل مني ليه بيلجئوا لي دائماً حتى الآن؟ ليه أنا محل استشارتهم لو أنا فاشل؟؟؟
أنا معرفش ليه كتبت المقال دا ولا عندي أي سبب ولا عارف ليه هنشره أصلاً، أنا معرفش تحديداً أنا ناجح أم فاشل، أنا عارف إن كان في طرق تانية تخليني أكثر نجاحاً، ممكن الله أعلم. بس الطرق دي مكانتش هتخليني محمد سامي دا. أنا فخور بنفسي، أنا محل ثقة ممن حولي، مرجعهم في الاستشارات، أظن وممكن أدعي إن معظم اللي عرفوني -الذكور- بيحبوني. مفيش مشاكل بيني وبين حد… أنا منجحتش مادياً، لسه “سنجل”، لسه “تخين”، لكن أظن إني نجحت في حاجة قررتها زمان وهو إني هبقى شخص مميز.
لو مكنتش فشلت، لو مكنتش خاطرت وجربت، لو مكنتش خسرت كل شيء في حياتي… مكنتش بقيت محمد سامي دا، اللي أنا اه زعلان منه في حاجات، وبدفع ثمن أخطاءه وغباءات الماضي، لكني فخور إني وصلت له… في ناس بقابلهم في حياتي أنجح مني، أذكي منى في مجالات محددة، لكن الناس دي ممكن تعملهم استبدال بأشخاص آخرين، لكن “كوكتيل” بن سامي مظنش إن بسهولة ممكن تلاقيه، طبعاً موجود بس مش سهل تلاقيه.
طيب هو فين اللايك هنا 🙂
أنا بالنسبة لي مشاركتك بالتعليق في حد ذاتها لايك… بس خلتيني أخد بالي إني لازم أخلي في إمكانية الايك وهو حالياً موجود قلب صغير كده تحت عنوان المقال
الاستاذ الفاضل …. اخترت هذا المقال بالذات لابدأ فى قراءته اثناء تجولي فى هذه المدونة الرائعة ربما جذبنى وجذبتنى الفكرة ايضا … وما دفعنى الى كتابة تعليق هو اختلافى مع حضرتك فى مقارنة نفسك دائما بالاخرين ووصفها بالفشل … رغم ان ما تعلمته فى علوم التنمية البشرية ان الصحيح هو مقارنة نفسك بنفسك وما تعلمته من دروس الماضى وحاولت تلافيه مستقبلا … ولى سؤال لحضرتك ارجو ان تجبنى عليه … ما هو المعنى الحقيقي للنجاح والفشل ؟؟ هل هو ما تفرضه علينا المورثات المجتمعية من الحصول على شهادة ووظيفة وزواج وانجاب … ام هو خوض تجارب واكتساب مهارات وخبرات تمكنا من التعامل مع معطيات الحياة ؟؟ ام ربما له معنى اخر …. سيدى حسب رأيي المعول الحقيقي فى هذا الموضوع ينصب فى القناعة الشخصية … اسفة للاطالة وشكرا لحضرتك
فضفضه حلوه