عندما كنت طفلاً صغيراً كان هناك سؤالاً يحيرني بخصوص بعض الأشخاص وهو “كيف علموا كل هذه المعلومات”، وظل هذا السؤال معي حتى وقت قريب، فهناك بعض الأشخاص يبهرني كم المعلومات التي يعلمونها، اشتريت طن من الكتب وقرأت آلاف المعلومات، لكن عندما تحدثت إليهم وجدت أنهم لا يفعلون هذا، لا يجلسون بالساعات ويقرأون الكتب من أجل “تخزين” معلومات. فظللت أبحث عن السر حتى وصلت إليه. حيث اكتشفت أن هناك 5 أسئلة سحرية تعلموها منذ صغرهم وكانت هى السبب الرئيسي لهذا الأمر.
كان اكتشافي لهذه الأسئلة مصادفة حيث وجدت من يسألني نفس السؤال الذي كان يحيرني “كيف علمت يا محمد هذه المعلومات؟”. عندما فكرت وجدت أنه يسألني على معلومات “عارفها عادي” وليس معلومات متخصصة، وبالتفكير وجدت أن هناك بعض الأمور التي تعلمتها ولم تكن لدى الآخرين وهى ربما تكون السر الذي أبحث عنه.
استمع للتسجيل الصوتي (كالعادة يضم معلومات أكثر من المكتوبة)
أسئلة المعرفة
عندما نبدأ في التحدث في الطفولة نتعلم 5 أسئلة ونكررها ليل نهار لأبوينا وهم “مين، فين، إمتى، إزاي، ليه”. لا نترك شيئاً جديداً إلا وسألنا عنه، ثم تعلمنا أن نتوقف عن هذا الأمر، أما لأن أبوينا كان ردهم علينا “بعدين، أقعد ساكت، بطل دوشة” فهنا يحبط الطفل. أو لأننا وجدنا أسئلتنا بدون إجابة لأنه ببساطة لا يعلمون هم الأجوبة. المهم أن النتيجة تعلمنا أن نرى شيئاً جديداً ويمر علينا مرور الكرام ولا يجول أي من الأسئلة الـ 5 في أذهاننا.
تعلم كل منا “أسئلة المعرفة” مع طفولتنا، ثم تدربنا أن ننساها
استعد طفولتك
دائماً ما نردد أن الطفل هو أسرع متعلم، تفاجئ أن ابنك تعرف على بعض الأمور التي تحتاج وقت منك، له قدرة على الحفظ قد تفوقك، لكن مع الوقت نبدأ في قول “الولد لما كبرت بدأ يبقى غبي”. السر أننا علمناه أن يترك القالب الفطري العبقري الذي خلقه الله به وقمنا بتركيب “نسخة الغباء” المزودة تلقائياً فينا 😀 . من أهم أجزاء القالب الفطري -من وجهة نظري- أسئلة المعرفة.
قوة هذه الأسئلة الـ 5 أنها تولد نهم لا نهاية له لدى الطفل لاستقبال المعلومات، هو يريد أن يعلم كل شيء، لا يشغل باله بما يردده الكبار من نوعية مثل” هل معرفة هذا الأمر مفيد؟”، “هل مخي يستطيع تخزين كل هذا؟” ، “أركز أحسن في تخصصي”، الخ الخ. هو فقط يريد أن يعلم كل شيء عن كل شيء. ومهما أعطيته من معلومات فسوف يستقبلها بشغف. الحل الأفضل لتحصل على قوة معلوماتيه ومعرفية هو أن تستعيد طفولتك وتعود لنسخة نظام التشغيل العقلي الأصلية.
نفذ الـ 5
باختصار الخمسة “استفهامات” هذه هى باب المعرفة للوصول إلى كل معلومة. حاول أن تدرب نفسك ألا يمر عليك مرور الكرام أي أمر جديد لا تعلمه، نعم تعلمنا أن يمر علينا أي أمر غريب ونتركه “عادي” لكن حاول تدريجياً أن تستعيد الـ 5 أسئلة كالتالي:
مين (من): إذا سمعت خبر عن دولة مثلاً ففوراً اسأل نفسك “مين رئيسها؟”، لو رأيت مشروع أو منتج ما ففوراً اسأل نفسك “مين خلفه”. عندما تسمع مثلاً أن دولة X استقلت من الاحتلال عام كذا فاسأل نفسك “مين كان قائد التحرير”. باختصار حاول دائماً أن تعلم “من” الذي قام بالشيء، لا تنظر للشيء كأنه فقط حدث ويحدث تلقائياً مثل الليل والنهار. اعرف “مين” خلف هذا الأمر.
امتى (متى): بنفس الطريقة السابقة، أي حدث يمر عليك لابد أن تسأل نفسك “متى”، متى استقلت مصر؟ متى اكتشفوا البرازيل؟ متى وصل الإسلام إلى أندونسيا؟ متى وصل هتلر للحكم؟ متى بدأ الفساد في مصر 😀 ؟. الشيء دا حدث في يوم من الأيام فلابد أن تعلم “امتى” حدث.
إزاي (كيف): بعد أن تعثر على الإجابة على “مين” ثم “امتى” يأتي السؤال التالي وهو كيف حدث هذا؟ إذا كان الأمر حول استقال دولة وعلمت “من” حررها و”متى” حررها فلابد أن تعلم أيضاً “إزاي”. إذا شاهدت بالون يطير في السماء وعلمت “متى” تم اختراع البالون و”من” اخترعه فحاول أن تسأل “إزاي”، ويقصد أن تعلم الفكرة العام مثل في حالة البالون (الهواء الساخن ) وهكذا.
ليه (لماذا): سؤال آخر من المهم طرحه وهو “ليه”، لماذا قرروا يغيروا نظام ميدان معين؟ لماذا تريد الدولة تطبيق النظام الرأس مالي؟ لماذا قرر سيدنا أبو بكر الصديق محاربة “المرتدين”؟ لماذا قام الرسول (ص) بصلح الحديبية؟ لماذا يطير الخفاش ليلاً فقط؟. فقط حاول أن تسأل نفسك “ليه”.
فين (أين): أحياناً تسمع اسم دولة لأول مرة ولا تفكر “أين” تقع هذه الدولة؟ نفى سعد زغلول إلى جزيرة “سيشل”، حد يعرف فين الجزيرة دي؟ حاول أن تعلم “أين” يوجد مكان الشيء الذي تسمعه ولا تجعله يمر هكذا.
احذر التعقديات
ربما يختلف البعض معي لكنني مقتنع أنه لا يجب أن تضع تعقيدات مثل التي ذكرتها على شاكلة “أعمل ايه بالمعلومات دي؟” وهكذا. الهدف أن تدرب مخك على استقبال المعلومات وإنه يحاول يفكر في شتى المجالات، لا تقيم أبداً فربما تسمع اسم دولة ما فيأخذك الفضول (أسئلة المعرفة) إلى البحث والقراءة فتجد بالصدفة أن هذه الدولة توفر فرص عمل مناسبة لتخصصك مثلاً، أو لديها منتجات جيدة ورخيصة غير موجودة في مصر فتستوردها وتفتح باب عمل ورزق ضخم لك، استقبل معلومات لن تخسر شيئاً بل صدقني قد تفاجئ في يوم من الأيام أن المعلومات التي حصلت عليها ستفيدك، هذه النصيحة من تجربة شخصية أعيشها وليس كلام نظري.
ما رأيك في أسئلة المعرفة السحرية؟ وهل تظن أنها حقاً وراء المعرفة؟
مقالات السلسلة:
- سلسلة أ ب معرفة [1]: المقدمة
- سلسلة أ ب معرفة [2]: الانحياز
- سلسلة أ ب معرفة [3]: أذون الخزانة
- سلسلة أ ب معرفة [4]: البحث عن معلومة
- سلسلة أ ب معرفة [5]: خدع رقمية
- سلسلة أ ب معرفة [6]: مليارات المرور والأولوية لمن
- سلسلة أ ب معرفة [7]: بنك المشاعر
- سلسلة أ ب معرفة [8]: ابتعد عن الراحة
- سلسلة أ ب معرفة [9]: انا بنسى كثير (صوتي)
- سلسلة أ ب معرفة [10]: كيف تحصل على أفكار مبهرة؟
- سلسلة أ ب معرفة [11]: كلام في الموازنة
- سلسلة أ ب معرفة [12]: جهز الحقل للمطر (صوتي)
- سلسلة أ ب معرفة [13]: كلام في الشخصيات
- سلسلة أ ب معرفة [14]: أسئلة المعرفة السحرية
- سلسلة أ ب معرفة [15]: القوقعة عدو المعرفة الخفي
- سلسلة أ ب معرفة [16]:مبحبوش يا بابا
- سلسلة أ ب معرفة [17]: تزييف استطلاعات الرأي
جميل
I think this is one of the most significant info for me. And i’m glad reading your article. But wanna remark on some general things, The web site style is great, the articles is really great : D. Good job, cheers
Normally I don’t read post on blogs, but I wish to say that this write-up very forced me to try and do so! Your writing style has been surprised me. Thanks, quite nice article.