هل نحن حقاً نريد التغيير؟ لا أقصد في السياسة لكنني أتحدث بشكل عام عن طبيعتنا كمصريين هل هى محبة للتغيير والتجربة؟ نريد حياة أفضل، نريد وظائف أحسن، نريد الديمقراطية، تعليم جيد، صحة جيدة، الخ الخ … فهل حقاً “نريد” أم “نتمنى”؟ في الأسطر التالية سوف أتحدث بصوت عالي في هذا الأمر، هذا المقال ليس سرد معلومات، وليس تعليم أو نقد أو حتى أمور شخصية، لكنه مجرد حديث بصوت عالي مع نفسي أردت أن أشارككم إياه.
بسبب أخطاء في التعليم أو ربما الثقافة فإن الكثير من المفاهيم تختلط في أذهاننا ومنها كلمتي “نريد” و “نتمنى” فأصبحنا نستخدم كلمة نريد بدلاً من نتمنى، وعندما نتحدث عن الأماني فإننا نذكر نريد. الفارق بين الإثنين هو الفعل، عندما يكون الأمر مجرد أفكار جميلة في ذهنك فهذه هى الأماني، لكن إذا خرجت هذه الأماني إلى الواقع فهنا تحولت إلى شيء تريده وستبذل الكثير للوصول إليه ومنها هنا جاءت كلمة “إرادة”. أعلم أنه ربما يقابلني علماء اللغة ويعترضون على تفسيري للكلمتين، لكنني دائماً أقولها أن هدفي هو النهاية وليس التفاصيل الأخرى.
وبعد أن تعرفنا على الفارق بين تريد وتتمنى فدعونا نفكر سوياً هل حقاً نحن نريد أم نحن نتمنى!!!
كم شخص تعرفه يلعن الرشوه في المصالح الحكومية ويرى أنها من أسباب فساد مصر ويتمنون أن تتنهي من مصر، ربما تقول أنه 99% ممن تعرفهم يقولون هذا، حسناً كم منهم عندما يذهب إلى مصلحة حكومية لانهاء إجراءات تأخذ يومين ويخبره البعض أن هناك ساعي يأخذ 100 جنية وينهي الإجراءات في ساعتين فكم منهم يرفض دفع الـ 100 جنية ويصر على استكمال الإجراءات ويضيع اليومين؟ 5%؟ أو ربما أقل.
الخلاصة: إذا نحن نتمنى انهاء الرشوة لكن لا نريد هذا حقاً وليس لدينا مشكلة في الاستفادة منها إن كان هذا في مصلحتنا.
الأمر نفسه في لعن التكسد في المصالح الحكومية وعندما تنقل أي مصلحة إلى مبنى ضخم واسع لكنه بعيد في أحد المدن الجديدة فهنا تجدهم يسبون ويلعنون.
نكرهه الازدحام في القاهرة والمدن الرئيسية لكن نادراً ما تجد شخصاً مستعد للسكن بعيداً عن المدن “المزدحمة” ويتمنى كل شخص لو يسكن على بعد متر من أهله، وينسى أنه لو سكن كل شخص على بعد أمتار من أهله فهذا سيؤدي إلى الإزدحام فلماذا تكرهه وأنت تعمل عليه؟
واحد تخيين -زيي يعني- عاوز يخس، بس مش بيروح يشترك في جيم ولا بيعمل، انتا عاوز تخس ولا نفسك تخس، حدد بالظبط.
المرور والمخالفات، كثيراً ما تركب سيارة مع صديق أو سائق تاكسي وتجده يلعن في إزدحام الشوارع وعدم تطبيق قواعد المرور ووو. راقب هذا الصديق فستجده يقف صف تاني -ثواني هجيب حاجة وجاي- ويضرب الكلاكس بشكل مبالغ فيه، يغير الحارة المرورية بدون إشارة، يدخل على ميدان دون النظر إلى الأولوية وووو. عجباً كيف تغضب من أجل المرور وعدم تطبيق قوانينه ثم ترتكب أنت مخالفات مرورية بشكل يومي!!!!!
يطالع الموظف الصحفية ويقرأ خبراً عن تعيين أبناء اللواءات أو القضاه أو أو فيغلقها بغضب ويسب ويلعن، وبعدها يأتي زميله في العمل ويخبره أنهم فتحوا باب التعيين في الشركة وأن صديقه في الإدارة العليا أخبره أنه سيكون هناك نصيب لأبناء العاملين، وهنا يسارع الموظف بالاتصال بابنه ويخبره أن يجهز أوراقه للتقدم في الوظيفة، ويطلب من زميله أن يخبر صديقه في الإدارة أن “يهتم” بابنه وانه طول عمره بيخدم الشركة وحقه بقى ابنه ياخد مكانه… إيه يا حاج إنتا مش كنت بتشتم في تعيين أبناء كذا وكذا ولا إيه.
وتستمر القصة طويلاً وستجد أننا في شتى أنحاء حياتنا نتمنى أن يتغير كذا لكن حقاً من داخلنا هذا الأمر ليس إلا أماني.
ردود لحبايبي
أعلم أن هناك اعتراضات جاهزة مرت في ذهن كل شخص قرأ الأسطر السابقة وإليكم الردود:
- ما ذكر يسري على الغالبية العظمى وليس على 100% منا.
- الشوارع زحمة عارف وعشان كده المصلحة لما تكون بعيدة هيكون شيء مرهق. لكنك كده كده هتاخد كام ساعة في أداء المصلحة.
- ابنك لو مش هتسعى في شغله مش هيلاقي شغل لإنهم هياخدوا كل المناصب بالكوسة، كلام صحيح بس لو كل واحد قال كده عمر الوضع ما هيتغير.
- عارف إن وقتك ثمين وعشان كده هتدفع رشوة عشان توفر وقت، خلاص ادفع بس متعترضش على إن غيرك بيدفع رشوة ويمشي مصالحه بقى طالما “بررت الغلط”
كلام سليم 100% ربنا مايحرمناش منك انت فعلا شخص مثقف وعندك دماغ توزن بلد كان نفسي يكون مثلك كثير