البعض يعتبر الذي حدث في مصر ثورة خالصة، والبعض الآخر يراه انقلاب عسكري، وآخرون -وأنا منهم- أرى أنه إنقلاب عسكري يحظى بتأييد شعبي. وفي هذا المقال لن ننقاش أو نجادل على مسمى ما حدث في مصر، لكنني في هذا المقال سأستعرض تاريخ 5 أنقلابات عسكري حظيت بتأييد شعبي ونرى أي سيناريو نسير.
إيران 1953
وصل محمد مصدق إلى منصف رئيس الوزراء في 1951 بعد عدة اضطرابات واغتيال رئيس الوزراء السابق له، وعرض مصدق على انجلترا تقاسم عائدات البترول بنسبة 50% لكن انجلترا رفضت مما دفع مصدق إلى تأميم شركات النفط الإيرانية. وقدر ذكر مصدق في الأمم المتحدة أن دولته حصلت على 100 مليون دولار عائدات للنفط في ال 50 سنة وقد حصلت بريطانيا على مبلغ مماثل لكن في سنة 1948 فقط. بعد ذلك قررت أمريكا الإطاحة بمصدق بعملية عرفت ب “العملية أجاكس” حيث تم إعطاء شعور عالمي أن مصدق حليف للسوفيت وخرجت مظاهرات مأجورة تهتف لمصدق والشيوعية، ومظاهرات أخرى مأجورة تهتف للـ “الشاه” وتصادمت المظاهرات المدفوعة، كما تم “رشي” جنرالات الجيش والشرطة وشيوخ وصحفيين وعمال وكل الطوائف مما أحدث فوضي في البلاد وعجز مصدق عن مواجهتها. فقرر الجيش فرض النظام بالقوة وعزل مصدق وتم ذلك بترحيب شعبي كبير.
السنوات التالية: سجن مصدق 3 أعوام وعاش في منزله حتى وفاته بعد 14 سنة، تم تأسيس جهاز السافاك في عام 1957 وتم إلغاء الديمقراطية وأصبحت إيران من أكثر الأنظمة ديكتاتورية في العالم، وصديق لأمريكا أكبر من إسرائيل نفسها. وبالمناسبة حصلت بريطانيا على حصة 20% فقط من البترول بدلاً من 50% التي عرضها مصدق عليهم في البداية.
البرتغال 1974
عرفت عالمياً باسم “ثورة القرنفل”. كانت البرتغال تعاني من الفاشية وتحصل على دخلها الأساسي من المستعمرات الأفريقية التي تحارب من أجل الاستقلال. إلا أن قرر العسكر فيها أن ينتهي هذا الأمر وتحركوا في 25 أبريل 1974 وحاصروا العاصمة وأجبروا الحاكم على الاستقالة، ثم تعرضت البرتغال لفوضى وتغير أكثر من مرة في موازين القوى نتيجة التدخل من الدول الغربية وأيضاً الاتحاد السوفيتي، وسيطر العمال على البلاد وحاصروا أكثر من مرة المدن والمصالح الحكومية، وحدث أكثر من تمرد داخل الجيش ومحاولات انقلابية داخلية واستمر هذا الأمر لمدة عام ونصف ثم هدأت الأمور.
السنوات التالية: تم إلغاء الحكم الديكتاتوري وإنشاء الديمقراطية وحرية النقابات والعمال وعدم تزوير الانتخابات ونتج عن هذا الإنقلاب العسكري بداية الديمقراطية في البرتغال.
الجزائر 1992
في ديسمبر 1991 أعلن الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد تنظيم انتخابات تشريعية في البلاد وطالب شعبه بالمشاركة ووعدهم أن تكون انتخابات نزيهه، وتم ذلك بالفعل وحصل حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ -ذو الخلفية السلفية- على ثلثي المقاعد، لكن جنرالات الجيش لم يعجبهم هذا وطالبوا الرئيس بإلغاء الانتخابات فرفض وأعلن استقالته في يناير 2012 بعد 12 عام قضاها في المنصب، وتم اختيار محمد بو ضياف رئيساً للبلاد وصدر قرار بحل الحزب وإلغاء الانتخابات وبدأت حملت اعتقالات وذكرت الجبهة أنها تقدر ب 30 ألف معتقل، ثم اغتيال غير مفهوم للرئيس محمد بو ضياف بعد 5 أشهر وكان يحظى بشعبية كبيرة في الجيش ومن الشعب، وتم اتهام حزب الجبهة الإسلامية باغتياله وبدأت الحروب.
السنوات التالية: أكثر من 10 أعوام من القتال بين الجيش والحركات الإسلامية المسلحة قتل فيها 150 ألف وأصيب الملايين وحدثت عشرات المذابح وجرائم الحرب من الطرفين، فكان الجيش يقوم بإبادة أي شخص يشك أنه موالي للإسلاميين الذين كانوا يقومون بالمثل لمن يشكون أنه موالٍ للجيش وحتى الآن لم يعد الحزب أو التيار الإسلامي للسلطة.
تركيا 1997
حصل نجم الدين أربكان ذو التوجهات الإسلامية على أغلبية ووصل إلى منصب رئيس الوزراء في يونيو 1996 وكان أربكان معروف سابقاً بمطالبه بمقاطعة اسرائيل وغيرها، وعندما وصل إلى رئاسة الوزراء حاول السعي لحل مشاكل المجاهدين في أفغانستان وعقد صداقة مع أكبر الدول الإسلامية في العالم مثل مصر وماليزيا وغيرهم، ورغم تحاشي أربكان الاحتكاك بالجيش لكنه عطل توقيع اتفاقيات عسكرية مع إسرائيل لعدة أيام، وبدأ يسعى لرفع القيود عن الإسلام في تركيا “العلمانية” وغيرها، لكن بعد عام وبالتحديد في 30 يونيو 1997 انتشرت الفوضى -قيل أنها مدبرة- ولم يتمكن أربكان من إيقافها، وقرر الجيش التركي عزله، ثم صدر قرار في العام التالي بحل حزبه “الرفاه” وسجن الكثير من أعضاء الحزب بتهم مختلفة ومن بينهم “أردوغان” والذي كان حاكماً لاسطنبول في عهد أربكان وكان يسعى لحل المشاكل المحلية ومحاربة الدعارة وغيرها.
السنوات التالية: في 2002 تمكن حزب العدالة والتنمية -الشكل الجديد لحزب الرفاه- من خوض الإنتخابات والحصول على الأغلبية ووصل إلى الحكم حتى يومنا هذا. وفي 2003 تم اسقاط الحكم الذي على أردوغان وأصبح رئيساً للوزراء
فنزويلا 2002
هوجو تشافيز عسكري سابق سعى في 1992 مع مجموعة من العسكرين إلى محاولة إنقلاب فاشلة أدت إلى سجنه، وبعد الخروج من السجن انخرط في العمل السياسي وتمكن من الوصول إلى الحكم في 1999 نتيجة لوعود اقتصادية كبيرة، لكنه فشل في تحقيقها بالرغم من ارتفاع البترول بشكل كبير في 2000 وتعتبر فنزويلا رابع أكبر مصدر للبترول في ذلك الوقت وتمتلك حالياً ثاني أكبر احتياطي بترولي ( مجموع الإمارات والكويت )، لكن فشل شافيز في تحقيق نمو اقتصادي وهو ما استثمره رجال النظام السابق لشن حرب إعلامية ضده استمرت سنوات، وبدأ الإضراب العام في 8 أبريل 2002 وفي 11 أبريل حوصر القصر الجمهوري بمظاهرات واطلق النيران عليهم واتهم رجال تشافيز فيها وقتل 16 شخص وأصيب 300 وقام الجيش بعزل تشافيز وتعيين بديل له لكن سرعان ما خرجت مظاهرات مؤيدة لتشافيز ورفضت دول أمريكا الجنوبية الاعتراف بالإنقلاب، فتم إجراء مفاوضات مع تشافيز وعاد للحكم.
السنوات التالية: سيطر شافيز وتمكن من الإطاحة بالإنقلابيين والنظام السابق وتعيين حلفاء له، وبالرغم من الاحتياطي الضخم البترولي لكن ازداد فقر الفنزوليين في عهد تشافيز الذي عدل الدستور وسيطر على الإعلام والدولة، وتعتبر الأسعار وخاصة التكنولوجيا في فنزويلا تعد من الأعلى عالمياً فمثلاً الآي فون يبلغ 1500$ تقريباً وزاد سعر الدولار من 2008 بنسبة 300%
الجزائر١٩٩٢